الوحدة صديقتي
بقلم / طارق فوزي
كان ينظر إلى كل صاحب جسم
رشيق بإعجاب ، وكان يتمنى أن يكون مثلهم ، وكان يذوق الأمرين عندما يريد شراء قميص
أو بنطلون أو حذاء وكان البائعين يتندرون عليه وكان يسمعهم أحيانا ويراهم وهم
يتغامزون أو يلمحهم لو حاولوا ألا يجرحوه ، كانت سمنته المفرطة وبالاً عليه حتى أن
زوجته طلبت منه الطلاق وهجرته لحين اتمام الطلاق ، وكان أولاده يطلبون منه مراراً
وتكراراً أن يقوم بعمل رجيم قاس حتى يقل وزنه وكان هو مسكين بالفعل يحرم نفسه
كثيرا من أكلات كان يحبها ولكن السمنة اللعينة كانت رفيقة حميمة له لا تريد فراقه
ابدا ، وكان رياض انسان مهذب رومانسي جدا هادئ الطباع وكان له اصدقاء يحبونه جدا
ويحبهم جدا ولكن كان يحسدهم جدا لمجرد أنهم يجدون مقاسات لبسهم ، وكان عندما يصبح
يلعن السمنة وعندما يمسي يلعنها أيضا لأنه حرمته من كل شيء فجعلته قليل الحركة
قليل الزيارة حتى لوالدته المريضة ، جعلته يائس بائس جعلته متجهم الوجه رغم خفة
ظله ، جعلته يهرب من الناس وكانت الوحدة صديقته وأصبح التليفزيون والنت والراديو
هم ايضاً أصدقائه ، وذات ليلة وأثناء مشاهدته للتليفزيون كان يذاع برنامج طبي وكان ضيفه أحد الأطباء المختصين بالسمنة
والترهل ومن خلال البرنامج عرض صور لبعض الأشخاص الذين تم علاجهم من السمنة
المفرطة وأصبحت أجسامهم رشيقة ، ففرح رياض وقرر أن يذهب الى هذا الطبيب مهما كلفه
هذا الأمر من مال ووقت ، وذهب رياض إلى الطبيب المختص وقرر له برنامج رجيم قاسي
بالإضافة الى بعض عمليات شفط دهون وتجميل ، وسبحان مغير الأحوال في خلال 5 شهور
تحول إلى شخص رشيق وقل وزنه وصارت حياته جميلة وحالمة وكتب ورقة دون عليها كل ما
يريد تحقيقه حتى يعيش بقية حياته سعيداً ويعوض ما فاته من عمره بسبب السمنة وذهب
الى صالون حلاقة يرتاده الشباب ثم إلى افخم محلات الملابس الجاهزة واشترى منها بعض
الملابس الجميلة الرائعة وركب سيارته متوجهاً الى مدينة شرم الشيخ ليقضي بها وقتاً
ممتعاً ، ولكن القدر لم يسمح له بالسعادة التي كان ينشدها وإذا بسيارة تسير عكس
الطريق تصطدم بسيارته وتحدث به اصابات بالغة تسبب له شلل ويعود سجين في بيته يجلس
على كرسي متحرك ويعود إلى الوحدة صديقته ولأصدقائه المخلصين التليفزيون والنت
والراديو .
تمت
بقلمي / طارق فوزي
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
0 التعليقات: