-- إهدا يا علي ، أنا جاي على أول طيارة
أنهى المهاتفة مع أخيه ، واتصل بشركة الطبران
-- إمتى أول رحلة للقاهرة؟
- بعد خمس ساعات
-- كويس جدًا ، أريد مكانًا عليها
- يوجد مقعدًا شاغرًا بالدرجة الأولى فقط يا سيدى
-- لا بأس سآخذه
بعد برهةٍ من الوقت
- لقد تم الحجز يا سيدي ، يتحتم عليك أن تتواجد بالمطار
قبل ساعتين من موعد الإقلاع.
جلس بجوار النافذة ، عيناه تجوبان الفضاء الشاسع المترامي
أمام ناظريه ، بينما عقله يجتر ذكريات طفولته وصباه ، ووالده
مرتديًا صديريته ومشمرًا سرواله ، يعزق الأرض ، وهو جالسٌ
على حافة المجرى المائى الصغير ، يراجع ما درسه فى الصباح ،
تذكر دموع عينيه عندما زف إليه نبأ حصوله على يكالوريوس
الهندسة ، شعر بدفء مشاعره عندما أحتصنه مهتئًا ، المضيفة
تعلن عن إقتراب وصولهم لمطار القاهرة ، كان أول المغادرين
فلا حقائب يحملها أو يضطر لإنتظارها ، تفاجأ بكم المستقبلين
من أبناء بلدته ، والدموع تنساب من أعينهم ، حدس أن أباه
قد توفاه الله ، بكى فى صمت ، دنوا منه وأركبوه سيارةً خاصة ،
لمح أباه جالسًا فى المقعد الأمامي ، يكفكف دموعه ، حمد الله
على سلامته ، حاول الإقتراب منه والتحدث إليه فلم يستطع ،
همس لأقرب إخوته إليه فلم يلتفت ، صرخ فيهم بأعلى صوته
فلم يسمعه أحد .
محمد البنا
0 التعليقات: