أميرة الياسمين
نـــور بشـــــار
في يوم شديد البرودة، أشرق في عينيه بريق مشمس
، هو وميض ذكرياته معها ، ومرت أمامه تلك الطفلة الجميلة
الحبيبة التي تضج بالحياة ، من عينيها يشع بريق الأمل
،وبسمتها تحيي الفؤاد . كان يتابعها بنظراته وهي تجري
في الحديقة برشاقة وفرح ، تحيي الطيور ، وتقبل الورد والياسمين ،
وتنثر عطر الزيزفون من روحها العطرة، كان صوتها جميلا رقيقا وهادئا .
دائما يراقبها من نافذته المطلة على حديقتها، ينتظر أن تراه
وتحييه بحرارة وشغف ، وكلما رآها تكبر وتتفتح أنوثتها، يزداد
تعلقا بها وحبا لها ، وهي تزداد جمالا وورقة . ويحمر وجهها حياء،
وكلما نظر إليها كانت أمطار الوفاء تروي بذرة الحب بين قلبيهما .
ولم تنتهي الحكاية : وللحكاية بقية . ما زال يذكر ذاك اليوم
عندما عاد إلى بيته ، كم كان غيابه طويلا ، حرب دمرت الوطن
قتلت البسمة ، وأبكت عيون القلوب ، وقتلت الورد والياسمين ،
وزرعت الحزن والقهر في الصدور ، وحصدت أرواح الزهور . وازدهرت القبور .
اختفت أميرة الياسمين ، لم يعرف ..هي باقية أم غادرت أنفاسها
العطرة إلى رب السماء . بدأ يبحث عنها ،في السماء والأرض ،
سأل عنها الطير والحجر ،النجوم والقمر ، والبحر والبشر ،
سأل الورد والجداول وأطيار السنونو،وشقائق النعمان ودموع الليل الحزين .
اختفت الألوان من أيامه ، ورافقه حزنه الأليم . وفجأة لمع شعاع أمل وقرر الرحيل .
قالت له يوما مازحة : إذا غبت عنك يوما ..أذكرني كل يوم عند الغروب ،
عندما ترسم الشمس قبل أن تختفي صورة وجهها الذابل فوق مياه البحر .
كانت تتهادى في مشيتها تنظر إلى الوجوه حولها دون أن تراها ،
صورته عنوان ذاكرتها وصوته مصدر دفئها . وفجأة لمحته بين الوجوه ،
هزتها المفاجأة ، لم تصدق ،هزت رأسها بقوة ، نعم إنه هو ، حبيبها .
نادته .. سمع صوتها ، نظر اتجاهها بذهول كأنه يحلم ،تسابقا كل منهما باتجاه الآخر ،
وكان اللقاء . تعانقا عناقا حارا طويلا، غسلت روعة اللقاء دموع
آلام الفراق ولوعة البعد ،لم يسعفهما الكلام ، فصمتا .
تلاقت نظراتهما في حديث طويل ، وقالا الكثير : تناجيا ..تعاتبا ..
فرحا باللقاء .. تفاهما .. اتفقا ..ثم شكرا رب السماء واتحدا .
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا

0 التعليقات: